الصناعة الاردنية تطوف 130 سوقا عالمية

تصطدم محاولات الصناعة الأردنية لتوسيع قاعدة انتشارها محليا بترسخ المقولة الشعبية السائدة "الافرنجي برنجي" والتي يبدو أنها أصبحت قاعدة ومبدأ للتسوق، إلا أنها في المقابل ورغم هذا يطوف المنتج الأردني 130 سوقا حول العالم مستندة على جودتها وتنافسيتها.
 
 
فالمنتج الصناعي الأردني من الادوية والالبسة والاغذية والهندسية والمجوهرات والبلاستيك والاثاث تتموضع في أمكنة مرموقة على الأرفف او في صالات متاجر عالمية في اسواق الولايات المتحدة وأوروبية وافريقية وحتى كندا وصولا للبرازيل، وأيضا في دول عربية، في وقت يحفر صناع الاردن بالصخر للإبقاء على عجلة انتاجهم تدور في ظل صعوبات تواجه أعمالهم جراء ارتفاع كلف التشغيل وتحديات المنطقة السياسية والامنية التي ادت لانسداد الاسواق التقليدية امام صادراتها.
 
وينتج الاردن اليوم حوالي 1200 سلعة من إجمالي 5200 سلعة منتجة ومتداولة حول العالم، أي ما يعادل نحو 30 بالمائة من إجمالي السلع المنتجة عالميا، وتحتل المملكة المرتبة 93 بين الدول المنتجة والمصدَرة للسلع، ومحليا تسهم الصناعة الاردنية بنحو 24 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي و90 بالمائة من صادرات المملكة، وترفد احتياطي المملكة من العملات الاجنبية بحوالي 9 مليارات دولار سنويا، وتشغل 20 بالمائة من اجمالي القوى العاملة يعملون في 18 ألف منشأة صناعية تنتشر في جميع محافظات المملكة، يتقاضون أكثر من مليار دينار كأجور وتعويضات ويعيلون خمس سكان الأردن. يقول نائب رئيس مجلس ادارة شركة (بترا) للصناعات الهندسية المهندس عمر ابو وشاح، ان جودة منتجات الصناعة الاردنية تنافس اليوم دول العالم واستطاعت ان تجد لها مكانا في الاسواق العالمية، مؤكدا ان "صناعتنا هي مستقبل اقتصاد بلدنا واجيالنا".
 
واكد ابو وشاح الذي يرأس جمعية المصدرين الاردنيين ان الصادرات الصناعية الاردنية تعد مفتاح زيادة الإنتاج وتوفير فرص العمل، وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني في ظل صغر حجم السوق المحلية، لافتا الى ان الصناعة الاردنية حققت إنجازات كبير خلال السنوات الماضية خصوصا فيما يتعلق بالجودة والسعر المنافس بدليل وصولها إلى أكثر من 130 سوقا عالمية.
 
ويشير ابو وشاح الى "ان الصناعة الاردنية اليوم ليست في أحسن أحوالها وبحاجة لدعمها من مختلف الجهات أكثر من أي وقت مضى، ومساعدتها على تجاوز التحديات وبخاصة اثمان الطاقة والمعيقات والعراقيل التي تفرضها بعض الدول على منتجاتها تحد من دخولها إلى أسواقها.
 
ويعتبر صناعيون أن اثمان الطاقة من مشتقات نفطية وكهرباء والتي تشكل من 20 الى 60 بالمائة من مدخلات وكلف انتاج القطاع الصناعي حسب طبيعة الصناعة، أحد المعيقات التي تؤثر على تنافسية الصناعية الاردنية داخليا وخارجيا.
 
بدوره، يؤكد نائب رئيس غرفة صناعة عمان ورئيس لجنة حملة (صنع في الاردن) المهندس موسى الساكت أن الصناعة الاردنية من القطاعات المهمة والرئيسية بالمملكة ومكون رئيس وداعم للاقتصاد الوطني والنمو الاقتصادي، مشيرا الى ان الصناعة أحد ابرز القطاعات المولدة لفرص العمل ودعم ميزان المدفوعات وتدعيم الإيرادات الحكوميّة، بالإضافة لتحريك العديد من القطاعات الأخرى والمشاركة في دعم عجلة النمو الاقتصادي نحو الأمام.
 
ولفت الساكت الى ان صادرات الصناعة الاردنية ارتفعت من مليار دولار عام 1998 الى نحو 7 مليارات دولار عام 2017، فيما نمت الاستثمارات الصناعية خلال العقد الأخير لتشكل 70 بالمائة من اجمالي الاستثمارات في المملكة رغم الصعوبات التي مر بها القطاع الصناعي والاقتصاد الأردني بشكل عام، موضحا ان السوق المحلية تنقسم اليوم مناصفة على وجه التقريب بين الصناعة الاردنية والمستوردة حيث وصلت حصتها الى أكثر من 45 بالمائة وهي بارتفاع ونمو مستمر.
 
ورغم هذا، يشير الساكت الى أن النمط الاستهلاكي والأفكار السائدة يشكلان تحدياً لا يستهان به ولا يجاريان السرعة التي يسير بها القطاع الصناعي الأردني، مؤكدا ان حملة (صنع في الاردن) التي اطلقتها غرفة صناعة عمان بالتعاون مع المؤسسة الاردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية، أسهمت بشكل ايجابي في تغيير توجهات المستهلك وتعميق قناعاته بالمنتج الوطني، من خلال رصدنا للأسواق والمتابعة من المصانع المحلية.
 
وأضاف، "لاحظنا اقبال المستهلك الأردني على شراء مختلف احتياجاته من الصناعات الاردنية التي بدأت تأخذ مكانها في السوق المحلية، كما ارتفعت نسبة تغطية الاستهلاك المحلي من المنتجات الاردنية من نحو 6ر41 بالمائة عند بدء الحملة عام 2013 الى 4ر45 بالمائة العام الماضي".
 
وأكد ان الحملة عملت على زيادة الوعي بأهمية وجودة المنتج الأردني وتغيير الصورة النمطية عنه وزيادة نسبة المنتج الأردني على رفوف الأسواق الكبرى ومحلات السوبرماركت من خلال تبني خطط تسويقية شاملة، واستخدام كافة وسائل الإعلان والتواصل لتوعية المواطنين وخاصة فئة الشباب بأهمية دعم القطاع الصناعي من خلال شراء منتجاته
 
من جانبه، قال ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الاردن المهندس إيهاب قادري، ان الصناعة الاردنية تلعب دوراً رئيسياً في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها أحد الركائز الأساسية لدفع عجلة النمو الاقتصادي ودعم العديد من القطاعات الاقتصادية الاخرى كالزراعة والنقل والتأمين والتجارة.
 
واضاف ان القطاع الصناعي الاردني ورغم صغر حجمه مقارنة مع الدول المحيطة وخاصة العربية يتميز بأنه قطاع ذو قيمة مضافة عالية، وتنوع كبير في منتجاته وصادراته بشكل عام، مشيرا الى أن الصناعة بالدول العربية المحيطة تعتمد بشكل كبير على صناعات تكرير النفط وتصدير مشتقاته والتوسع صناعاته الى جانب الصناعات المتربطة بالغاز الطبيعي والاستثمار فيها.
 
ورغم المساهمات المتميزة للصناعة الأردنية بالاقتصاد الوطني، يشير قادري الى "العديد من التحديات التي تعيق نموها وتوسعها والتي في حال التغلب عليها ستتمكن من لعب دور اكبر في دعم اقتصاد المملكة من حيث الإنتاج والاستثمار والتصدير والتشغيل ومعالجة مشكلتي الفقر والبطالة والاختلالات الاخرى التي تؤثر على الاقتصاد الوطني"، رائيا ان ابرز التحديات التي تواجه الصناعة الاردنية "تكمن في ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل والشحن، جراء ارتباط أسعار الوقود المحلية بالأسعار العالمية وتقلبها المستمر، الى جانب اجراءات بيروقراطية وتعدد الجهات الرقابية والتفتيشية، وصعوبة الحصول على التمويل المالي، والنسب الضريبية المرتفعة، والرسوم المتعددة الاخرى".
 
ولفت الى تحديات اخرى ظهرت جلياً منذ الأزمة المالية العالمية وما تبعها من ثورات الربيع العربي والظروف الإقليمية المحيطة غير المواتية، والانقطاع المتعدد لتدفق الغاز المصري وانعكاسه على ارتفاع تكاليف الطاقة، واغلاق الحدود مع سوريا والعراق والتي كانت منفذا وسوقا لحوالي 30 بالمائة من الصادرات الاردنية.
 
وطالب قادري الذي يشغل المدير والشريك لشركة قادري للألبسة الشرعية، بتعزيز الصادرات الوطنية من خلال توسيع القاعدة التصديرية سلعيا وجغرافيا، ودعم إنشاء بيوت للصادرات الأردنية خاصة للأسواق الأوروبية والإفريقية، وتقديم خدمات فنية متخصصة للمصدرين.
 
كما طالب بدعم ترويج الصادرات من خلال هيئة الاستثمار، واعطاء الأولوية للسوق الأوروبية، ومراجعة بروتوكول باريس الذي يربط اقتصاد السلطة الوطنية الفلسطينية بإسرائيل، وتوجيه حوافز محددة للقطاع المصرفي لعمل برنامج ائتمان الصادرات وتعظيم فائدة الصناعيين المصدرين منه، بموازاة معالجة التحديات التي تواجه قطاع النقل والبنية التحتية، وإنشاء الموانئ البرية في كل من معان والماضونة وربطها بمشروع سكة الحديد الوطنية، وتوسيع ميناء العقبة، وتعزيز البنية التحتية، وتحسين شبكة نقل البضائع والمنتجات.
 
واشار قادري الى أهمية تقديم حوافز للبنوك لتسهيل حصول المصانع على التمويل في ظل تحفظها في توجيه التمويل لهذه المشاريع، مشددا على ضرورة تنفيذ السياسة الصناعية من خلال البدء بالمرصد الصناعي وتعزيز الترابطات الصناعية، لضمان توجيه الصادرات والحوافز، وتوجيه الاستثمارات من خلال رصد البيانات المختلفة وتوفيرها، وتنفيذها بشراكة كاملة مع غرفة صناعة الأردن، مطالبا بربط مشاريع الخارطة الاستثمارية مع أفكار لمشاريع ترتبط بها وفقاً لمعطيات السياسة الصناعية ومخرجاتها لتعزيز مستوى الترابطات الصناعية وصولاً لمشاريع ذات قيمة مضافة عالية ومزايا نسبية وتنافسية. فضلاً عن ضرورة تخصيص المبالغ اللازمة لتنفيذها ضمن الموازنة العامة للدولة.
 
كما شدد قادري على ضرورة تعزيز المكون التكنولوجي وعمليات البحث والتطوير وتوحيد جهود صناديق البحث العلمي القائمة حالياً نحو تعزيز الابتكار والتطوير بالأنشطة الصناعية وتوفير بدائل رخيصة للطاقة التي تعد مدخلاً أساسيا بالعملية الصناعية الإنتاجية.
 
الى هذا، رأى مدير عام شركة الوليد لصناعات البلاستيكية عاهد جابر ان الصناعة الاردنية تواجه تحديات جمة من بينها عدم وجود استراتيجية تحدد المجالات التي يتميز بها الاردن صناعيا، إضافة الى ارتفاع اثمان الطاقة.
 
واضاف جابر، المستثمر بقطاع البلاستيك منذ تسعينيات القرن الماضي وتشغل منشأته 50 موظفا جلهم أردنيون، وتصل منتجاته لأسواق الولايات المتحدة والعراق واليمن وليبيا، ان التعامل بجدية مع تحديات الصناعة يضمن تحقيق تقدم لاسيما وان الصناعة هي التي تقود النمو الاقتصادي وتوفر الوظائف وتزيد إيرادات الخزينة.
 
وأشار الى ان البحث العلمي غير مرتبط بالصناعة، ولا تترجم الأبحاث إلى حقوق ملكية لتعطي ميزة للمنتجات الأردنية مقارنة بما يقابلها من منتجات لدول أخرى، داعيا من جهة أخرى الى مضاعفة الجهود لفتح اسواق تصديرية تعوض ما فقده الأردن من اسواق تقليدية.
 
من جهتها تؤكد وزارة الصناعة والتجارة والتموين انها تعمل على دعم وتشجيع الصناعة الوطنية من خلال العديد من الاجراءات والقرارات منها حصر مشتريات الوزارات والمؤسسات الحكومية من اللوازم الحكومية بالصناعة المحلية في حال وجود ثلاثة منتجين محليين على الاقل، بموازاة تشديد الرقابة وفرض رسم جمركي وتدابير وقائية على بعض السلع المستوردة.
 
وبينت الوزارة أنها اعدت برنامجا لدعم الصناعة الوطنية انبثق عنه عدة مشاريع تم تنفيذها بالتعاون مع المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية حيث تم تقديم الدعم الفني والمالي للشركات الصغيرة والمتوسطة والمبتدئة في مجالات التصميم وتطوير الأنظمة وتطوير المنتجات والتدريب والإدارة.
 
واشارت كذلك الى اقرار مشروع قانون التفتيش على المنشآت الاقتصادية في إطار التوجه لتوحيد مرجعيات التفتيش وانجاز المرحلة الأولى من مشروع حوسبة إجراءات عمليات التفتيش، فيما يتم حالياً تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع المتمثلة بإعداد السجل الوطني للمنشآت الاقتصادية، مبينة أنها طلبت من مؤسسة المواصفات والمقاييس تشديد الرقابة على المنتجات المستوردة من حيث مطابقتها للمواصفات الاردنية الى جانب تشكيل فريق عمل لدراسة تطبيق المعاملة بالمثل على المنتجات المستوردة في ضوء بعض العوائق التي تفرض على الصادرات الأردنية.
 
واكدت الوزارة انها اصدرت قرارا بتطبيق التصنيف الصناعي الدولي الموحد لجميع الأنشطة الاقتصادية على جميع الشركات والمؤسسات التي تم تسجيلها منذ مطلع عام 2016، والموافقة على اعفاء الغاز الطبيعي المسال من الرسوم الجمركية البالغة بالمائة الى جانب اجراءات اخرى بمجال الطاقة لدعم الشركات الصناعات ومساعدتها في تخفيض كلف التشغيل، في وقت تولي الحكومة أهمية خاصة لإيجاد أسواق جديدة وبديلة للصادرات الأردنية في ظلّ تداعيات الاضطرابات السياسية والأمنية التي عصفت بالمنطقة، من خلال الخطط والمشاريع الوطنية الهادفة إلى تنمية التجارة الخارجية وزيادة الصادرات.
 
واضافت، انها تعمل بالتعاون مع القطاع الخاص على إيجاد اسواق تصديرية جديدة للمنتجات الاردنية خاصة في أفريقيا التي تمتلك اسواقا واعدة، كما يجري العمل على دراسة إمكانية توقيع اتفاقيات تجارية مع عدد من الدول الافريقية، أبرزها كينيا بهدف تنمية وتيسير عملية التبادل التجاري، الى جانب تجويد اتفاق تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الاوروبي.
 
واشارت الوزارة الى الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعت بين الاردن والعراق لتيسير نفاذ الصادرات الأردنية إلى السوق العراقية وإدامتها، والاتفاق على تفعيل قرار مجلس الوزراء العراقي بخصوص اعفاء قائمة السلع الأردنية من الرسوم الجمركية والبدء بالعمل بآلية النقل (Door to Door) للسلع والبضائع والمنتجات بين البلدين.
 
كما أشارت الى الموافقة على برنامج دعم بديل منذ بداية العام الحالي 2019 وتمديد اعفاء ارباح الصادرات من ضريبة الدخل لقطاع الخدمات لمدة 10 سنوات، بالإضافة لمعالجة مشاكل التصدير للأسوق الفلسطينية والسعودية والجزائرية والسودانية. (بترا)

21-آذار-2019 23:36 م

نبذة عن الكاتب